ويشمل ذلك النقاط التالية:
أولاً : إعداد المدرس نفسه للتدريس:
إخلاص النية لله: على المدرس أولاً أن يخلص النية لله تعالى، قال تعالى {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} وعليه أن يذكر أن من أول من تسعّر بهم النار رجلا يقال له (قرأت ليقال : قارئ، وقد قيل). وعليه أن يتعاهد نيته لأن البعض يبدأ بنية خالصة، ثم يدخل إلى قلبه المنافسة أو الشهرة ونحو ذلك.
المادة العلمية: إن أهم ما يميّز المدرّس عن الطالب هو المادة العلمية وهي من أهم أسباب النجاح، ففاقد الشئ لا يعطيه، والمقصود بها هنا هو: مقدار الحفظ، وقوته، والتجويد .
والأصل في المدرّس أن يكون حافظاً للقرآن الكريم كاملاً فإن لم يكن كذلك فعليه أن يبذل ما في وسعه لإكمال حفظ القرآن وهو أولى الناس بذلك .
كما يطلب منه أن يكون قوي الحفظ متقناً لكي يستطيع الفتح على الطلاب والانتباه لأخطائهم ولئلا يعتمد على المصحف.
أما التجويد فإنه من أهم الأمور هنا وهو شرط أساسي يجب وجوده فيمن يدرّس القرآن حتى يستطيع أن يُقرئ القرآن غضاً كما أنزل ولكي ينقله إلى الجيل الآتي بالصورة التي تواترت إلينا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هذه أساسيات لا بد من وجودها في كل مدرّس وهناك أمور يستحسن وجودها كالعلم بغريب الألفاظ والتفسير والقصص القرآني وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ وأحكام القرآن وبسائر علوم القرآن…
وعليه أن يرفع من مستواه بشكل دائم فيقرأ على شيخ متخصص ثم يتعلم القراءات… وهذا يجعل المدرّس واثقاً من نفسه، كبيراً في أعين طلابه، وهو بذلك يكون أقدر على العطاء، مما يضفي على الحلقة جواً علمياً يحبه الطلاب ويكسر النسق المعتاد.
شخصية المدرس: ولها أبلغ الأثر في التأثير على الطلاب والارتفاع بمستوى الحلقة.
ويكون المدرس قوياً في شخصيته حين يبتعد عن كل ما من شأنه النيل منها ككثرة المزاح، والضحك، وعدم الانتباه لما يحدثه الطلاب دون علمه ، وإغفاله بعض الأخطاء في التسميع أو في السلوك، واعتماده على المصحف، وخطئه في القراءة، ولهجته العامية، ودخوله في جدل مع الطلاب.
وليعلم أن الطلاب يحسبون عليه تصرفاته ويراقبونه في أفعاله فإما أن يكون موضع قدوة حسنة للجيدين منهم أو يكون موضع سخرية للسيئين فيهم.
وعليه ألا يتوانى عن متابعة الطلاب فيما أمرهم به أو نهاهم عنه، وليراع نفاذ كلمته وقد قيل: (إذا أردت أن تطاع فمر بما يستطاع) .
وعليه أن يهتم بمظهره وهيئته فيكون نظيف الثوب، طيب الرائحة، حسن المظهر، مراعياً للسنن والآداب وعليه أن يكون قوياً في منطقه واضحاً في بيانه نبيهاً ذكياً ملتزماً جانب الوقار.
الاستفادة من الآخرين: نجد بعض المدرسين المبتدئين أحياناً قوياً في مادته العلمية قوياً في شخصيته ولكنه لا يحسن التعامل مع الحلقة، لأن الخبرة لها أثر كبير في ذلك، فعليه أن يستعين بقدامى المدرسين والناجحين منهم في حلقاتهم، وبالموجهين والمشرفين، لأن ذلك يفيده بمعلومات قد لا يستطيع الحصول عليها في سنين وليس في هذا أي غضاضة، بل إن بعض المدرسين يستعين بالآراء السديدة من بعض الطلاب ولا ننسى قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم بدر (أشيروا عليّ أيها الناس).
ثانياً : إعداد الحلقة:
فإن كان جديداً في الحلقة فيحسن به أن يعرف من المدرس السابق ومن موجه الحلقة ومشرفها كل شئ عن الحلقة من الطلاب الجيدين والكسالى والأساليب النافعة لهم والأنشطة المؤثرة فيهم والطرق التي تصلح لهم في التسميع والمراجعة والتلقين والعقاب وغيرها ، ومواضع القوة والضعف، والنقاط التي يجب ألا يثيرها سواء في الحلقة أو المسجد أو الحي فيبدأ من حيث انتهى الآخرون لا من حيث بدؤوا ثم ينظر إن كان وضع الحلقة ممتازاً فعليه أن يسير بنفس الأسلوب وإن كان غير ذلك فليتفحص مواضع الخلل بمساعدة الموجه وليحرص على عدم تكرر الأخطاء
ـ ثم يبدأ بالتعرف على الطلاب : أسمائهم ، وصفوفهم الدراسية، ومقدار حفظهم، ومن ثم ينظم الحلقة فيختار المكان الملائم لها مراعياً ما يأتي:
ـ أن يكون المكان بعيداً عن مكان الصلاة.
ـ أن يكون بعيداً عن الأبواب والنوافذ المطلة على الشارع ضماناً لعدم انشغال الطلاب بمن هم في الخارج، واجتناباً للأذى من الخارج.
ـ أن يكون بعيداً عن الملهيات والمشغلات كالمكيفات المزعجة وأماكن المرور.
ـ أن يكون المكان مناسباً لحفظ القرآن فلا يكون قريباً من أماكن الأحذية ونحوها ويكون جيد الانارة والتهوية ويكون مكان المدرّس بحيث يرى الداخل إلى المسجد والخارج منه، ويكون مكانه مميزاً.
وعليه أن يضع القوانين والأنظمة التي تسير عليها الحلقة حسب ما يراه.
وعليه الاهتمام بمظهر طلابه ولباسهم وطريقة جلوسهم وتعاملهم مع المصحف ومع أستاذهم.
وارتفاع صوت الطلاب بقراءة القرآن في الحلقة يشيع النشاط والحيوية ويقضي على الكسل والخمول، ولكنه يؤثر سلبياً على التسميع، وانخفاض الصوت أو القراءة سراً يؤدي إلى عكس هذه النتائج، فعليه أن يختار ما يناسبه، وخير الأمور أوسطها.
وليحرص على طلابه حرصه على أبنائه، وليراع ظرف كل منهم، وليشعرهم بحرصه على مصلحتهم.
وليضع في ذهنه دائماً أن البساطة في التعامل وعدم التعقيد هي من أسباب النجاح.
وإليك صورة بيانية توضح طريقة جلوس الطلاب أمام المعلم (انظر الملحق المرفق في آخر هذه المذكرة).
ثالثاً : الحفظ الجديد ( الدرس ) والمراجعة:
يطلب من الطالب يومياً الإتيان بما يلي:
أ ـ درس جديد (الحفظ) ب ـ مراجعة صغرى (لما حفظ مؤخراً) جـ ـ مراجعة كبرى (للحفظ القديم)
أ ـ درس جديد:
ويأتي به الطالب يومياً ، ويحدد مقداره استناداً إلى حال الطالب (ذكائه ـ قِدمه ـ التحاقه بمدارس تحفيظ القرآن الصباحية ـ ظروفه كأيام الاختبارات أو العطل أو مرضه …)
واستناداً إلى الآيات نفسها ( صعوبتها ـ سهولتها ) واستناداً إلى زمن الحلقة (ساعة أو ساعتين ـ بعد العصر أو بعد المغرب ـ يوم الخميس أو غيره …).
واستناداً إلى المراجعة (قد يكون حفظه القديم ضعيفاً وتشق عليه المراجعة فيخفف له مقدار الدرس الجديد).
وقد وجد أن الذين هم أدنى من متوسطي الذكاء يستطيعون حفظ نصف صفحة يومياً فيجعل ذلك حداً أدنى للحفظ ولا حد لأعلاه بشرط أن لا يؤثر ذلك على المراجعة.
ب ـ مراجعة صغرى:
ويقصد بها مراجعة آخر مقدارين حفظا ، فلو أن الطالب سيحفظ اليوم الصفحة الثالثة من سورة الإسراء مثلا فإنه يضيف إليها الصفحتين الأولى والثانية وفي الغد يسمع الصفحة الرابعة بالإضافة إلى الصفحتين الثانية والثالثة، وهكذا
وهذه المراجعة مهمة، لأن الطلاب ـ خاصة في الحلقات التي تكون بعد العصر ـ يحفظون المقدار المطلوب في المسجد ثم يسمعونه عند حفظه فوراً ، فلو ترك فإنه ينسى سريعاً، وتسميعه لمدة ثلاثة أيام متوالية يرسخه في ذهن الطالب ويسهل عليه المراجعة الكبرى بعد ذلك، ولنتذكر أن ما حفظ بسرعة فإنه ينسى بسرعة.
ويدخل في هذه المراجعة تسميع الطالب للسورة كاملة عند الانتهاء من حفظها.
وهناك طريقة أخرى لهذه المراجعة وهي مراجعة كل أسبوع على حده وتسمى عند أهل مكة في حلقاتهم اليوم (بجنب اللوح) وعند أهل المدينة (بمراجعة الدرس) .
وطريقة هذه المراجعة أن يسمّع الطالب الوجه الأول من سورة الأحقاف مثلاً، وفي اليوم التالي يسمّع الوجه الثاني من السورة نفسها ، ثم يرسله المعلم إلى أحد زملائه ليعرض عليه الوجهين جميعاً ، وفي اليوم الثالث يسمع الطالب الوجه الثالث ، ثم يرسله المعلم إلى أحد زملائه ليعرض عليه الأوجه الثلاثة جميعاً، وهكذا، وفي نهاية الأسبوع يسمع جميع ما حفظ وهذه لا إشكال في تحديد مقدارها إذا علمت كيفيتها.
جـ ـ مراجعة كبرى:
ويقصد بها مراجعة الحفظ السابق كله وهذه المراجعة لها من المنزلة ما يجعلها أهم من الدرس الجديد نفسه ولا بد أن تكون يومية وأن تتناسب مع مقدار الحفظ .
ولا بأس للمعلم أن يخفف المقدار على الطالب قليلاً أو يزيد فيه بحسب المصلحة ، أما ترك المراجعة مطلقاً أو أن لا تعرف إلا عند الاختبارات، أو بعد عدة أشهر، فإن هذه كحالة من يحرث على الماء .
ونعرض هنا لبعض الآثار السلبية التي تترتب على ترك المراجعة لتكون عوناً للمدرّس في إقناع طلابه بأهميتها :
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : (تعاهدوا القرآن، فو الذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها).
ومن عوامل تقوية الاهتمام بالمراجعة لدى الطلاب:
ما العمل مع الطلاب الذين تقدموا في الحفظ بدون مراجعة؟
يبدأ المدرس معهم بالمراجعة من بداية ما حفظوه مع الدرس الجديد يومياً ، فإذا وصلوا إلى موضع لا يستطيعون الاستمرار فيه بالمراجعة فإنه يكون الدرس الجديد لهم ، وتكون المراجعة بالنسبة لهم هي الأجزاء التي استطاعوا مراجعتها.
مثلاً: وصل طالب في الحفظ إلى سورة مريم ولم يكن يراجع في السابق ، فيجعل له نصف جزء يومياً للمراجعة وصفحة من الدرس الجديد وسيستطيع ذلك مبدئياً ثم يظهر عجزه فيخفف له مقدار المراجعة إلى ثلاثة أرباع ثم إلى ربعين ومن الممكن أن يخفف له مقدار الدرس الجديد إلى النصف لأجل المراجعة، فإذا وصل إلى مرحلة لا يستطيع فيها مراجعة ربعين في اليوم وليكن مثلاً عند سورة غافر فإنه يتوقف عن الحفظ من سورة مريم ويكون درسه اليومي من سورة غافر حسب ما يستطيع وتكون مراجعته من الناس إلى سورة غافر نصف جزء يومياً، لأن طالباً لا يستطيع مراجعة ربعين يومياً ليس بحافظ.
وعندما يعلم الطالب بأنه سيُوقف عن الحفظ إن لم يستطع المراجعة تجده يجتهد أشد الاجتهاد لمراجعة ربعين في اليوم على الأقل، وستراه حزيناً جداً عند إعادته إلى سورة غافر وهنا يجب استغلال الموقف فوراً، فتقول له: عليك بالاجتهاد كثيراً فإذا وصلت إلى سورة مريم بعد أسبوع فستباشر الحفظ بعد أسبوع، وإن وصلت إلى سورة مريم بعد سنة فلن تباشر الحفظ إلا بعد سنة!
وليتأمل المدرّس حال مثل هذا الطالب وليعلم أنه هو المسؤول عن مثل ذلك لإهماله المراجعة.
وينبه المعلم هنا أنه إذا طلب من طالب مراجعة مقدار معين ثم أتى به الطالب فعليه أن يسمع له حالاً ولا يؤخره لأن وجود العزيمة على المراجعة عند الطالب أمر عزيز ، وتأخيره إلى يوم آخر يفتر من عزيمته.
وسيأتي في ( كيفية التسميع ) بيان كيفية تسميع المراجعة من أجل ضيق الوقت.
رابعاً : كيفية إعطاء الدرس الجديد:
على المعلم ألا يترك الطالب يعتمد على حفظه بمفرده، بل يجب عليه أن يعطيه الدرس الجديد بنفسه ويكون ذلك بإحدى طريقتين:
أ ـ التلقين ب ـ العرض .
أ ـ التلقين
وهو نوعان:
1 ـ التلقين الجماعي: ويستخدم المعلم هذه الطريقة للطلاب الذين هم في مستوى واحد ، ويحسنون القراءة ، فيقرأ المعلم لهم، وهم يرددون بعده.
2 ـ التلقين الفردي: وهذا للطالب الذي يعلم المعلم من حاله أنه ضعيف في القراءة ، فإما أن يلقنه المعلم مباشرة ، أو يرسله إلى من يلقنه من الطلاب المتميزين ، فإذا أتقن درسه رجع إلى المعلم ليعرض عليه ، وهذه ليست طريقة مستحدثة بل هي طريقة أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ فقد ورد أن عدد الذين كانوا في حلقة إقرائه أكثر من ألف رجل ، وكان لكل عشرة منهم ملقن ، وكان أبو الدرداء يطوف عليهم قائماً ، فإذا أحكم الرجل منهم ، تحول إلى أبي الدرداء ليعرض عليه .
ب ـ العرض:
وهذه الطريقة تستخدم مع الطالب الذي يحسن القراءة فهو يقرأ والمعلم يستمع ويصوب أخطاءه اللفظية والتجويدية ثم يسأله فيها من أجل الاطمئنان على صحة الدرس.
وقد وجد أن أجدى طرق تدريس القرآن الكريم بالإجماع هي طريقة التلقين الفردي وهي (أن يقرأ المعلم الآية ويرددها الطالب بعده) وهذه الطريقة التي تلقى بها المصطفى صلى الله عليه وسلم القرآن من جبريل عليه السلام، وبها تلقاه الصحابة الكرام من فمه عليه الصلاة والسلام.
ومن مميزات هذه الطريقة:
وعلى هذا فعلى المعلم ومساعده الحرص على السير بهذه الطريقة مع جميع طلاب الحلقة، فإن كثر العدد في الحلقة، أو ضاق الوقت ولم يستطع المعلم تغطية جميع الطلاب فيلجأ للتقسيم التالي:
ومن مزايا هذه الطريقة:
وهنا أمور على المعلم أن يراعيها:
أن تكون قراءة المدرس نموذجية، وأن يحسن صوته قدر الإمكان وأن يطلب من الطالب تحسين صوته، وأن يتابع الطالب الآيات في المصحف، وأن يكرر الآيات التي فيها كلمات صعبة، وأن يراعي الوقوف ويرشد الطالب إلى ذلك ويعلمه كيفية الوقوف على المنون والمتحرك والساكن والياءات، ويراعي التمهل وعدم الاستعجال، وأن ينتبه الطالب جيداً لكيفية قراءة المدرس وكيفية نطقه للكلمات، ويخلص الطالب من عيوب اللسان وعيوب النطق وعيوب اللهجة العامية، كعدم ارتفاع طرف اللسان عند نطق الراء والتأتأة والفأفأة ونطق الذال زاياً والثاء سيناً، وعليه أن يبالغ في أحكام التجويد للمبتدئين مع تجزئتها حكماً حكماً إن كثرت، وأن يستعين المدرس بالإشارات الدالة على التجويد كرفع اليد أو الإشارة بالسبابة دلالة على المد ، وكالإشارة إلى الأنف أو الضرب على الأرض دلالة على الغنة وأن يضع خطاً صغيراً ([1]) بقلم الرصاص تحت موضع الغنة في المصحف الخاص بالطالب ويرشد الطالب إلى أنه حيث وجد إشارة المد فعليه أن يمد، كقوله تعالى: {الذي أطعمهم من جوع وءامنهم من خوف}، وأن يدرّب الطالب على اكتشاف خطئه بنفسه، وأن يرد عليه كل خطأ مكانه وليس بعد انتهائه من الآية، وأن يعلّم الطلاب مواضع الاستعاذة والبسملة بشكل مبسط مع العناية بنطقهما النطق الصحيح.
خامساً : كيفية التسميع:
أولا: متى يبدأ التسميع : الأصل أن يحفظ الطالب في البيت، ثم يأتي إلى المسجد فيسمع مباشرة وهذا يثمر حفاظاً على الوقت وقوة في الحفظ وهذا لا بد من توفره في الحلقات التي بعد المغرب.
أما الحلقات التي بعد العصر فإننا نجد أن الطالب لا يجد فرصة يحفظ فيها قبل المجئ إلى المسجد بسبب تأخر الانصراف من المدرسة وتناول الغداء ، لذا فإنه يقترح إعطاء فرصة للطلاب كي يحفظوا (15 ـ 30) دقيقة على الأكثر لأن هذا الوقت كافٍ لمتوسطي الذكاء أن يحفظوا فيه.
ثانيا: من يبدأ بالتسميع :
من يحضر أولاً، وهذه طريقة السلف، وقد كان الشاطبي ـ رحمه الله ـ يقول لطلابه: (من أتى أولاً فليقرأ، ثم من أتى ثانياً فليقرأ ثانياً) وتتبع هذه الطريقة مع الطلاب المجيدين الحريصين على العلم.
ولكننا نجد في معظم الحلقات أن الطلاب يدفع بعضهم بعضاً إلى التسميع وحينئذ يتبع ما يلي:
البدء بالتسميع للطلاب الجيدين إن كانت الحلقة كبيرة والمدرس بحاجة إلى من يساعده في التلقين وسماع المراجعة ونحوها.
الاختيار العشوائي ليكون الجميع على أهبة الاستعداد ، ويجتنب الترتيب.
أين يكون التسميع:
تسميع المراجعة:
لا يسمح الوقت بتسميع المراجعة لجميع الطلاب وهنا طرق لتفادي تلك المشكلة:
الطالب أثناء التسميع يتأدب بآداب التلاوة ويضع يديه على فخذيه وينظر إلى أسفل ولا يتلفت ولا يتحرك ولا يضع إصبعه في المصحف على الصفحة التي يسمعها، ويراعي التجويد والوقوف، ولا يسرع في القراءة ـ وإن زعم أنه لا يحسن غير ذلك بل يتأنى.
وعلى المدرّس أن يتأكد أن الطالب يسمع المقدار الذي حدد له فبعض الطلاب يترك بعض الآيات بين ما سمعه بالأمس والذي يسمعه اليوم، وبعضهم يبدأ ببعض الآيات التي حفظها بالأمس ليوهم المدرّس بكثرة ما حفظه اليوم، وبعضهم يترك بعض الآيات في الأخير مظهراً أن المقدار قد انتهى وعلى المدرّس عدم الاستعجال في الرد، وعليه أن يحسب الأخطاء بدقة وان يحسب التنبيه إلى الخطأ وإن صوبه الطالب، وأن يمنع الطالب من الاستمرار في التسميع إذا جاوز خطأين حفاظاً على الوقت، وأن لا يقاطع الطالب بسؤال وغيره أثناء التسميع، وأن يرد عليه الخطأ فور حدوثه وليس بعد انتهائه من الآية ، وأن يجعل الطالب يردد الكلمات التي حفظها خطأً عدة مرات، وأن يضع خطاً تحت الخطأ بقلم الرصاص في الأجزاء الخاصة بالطلاب والتي أحضروها بأنفسهم، وأن لا يتساهل في قبول الحفظ الركيك، وأن يستعين بالحركات الدالة على التجويد والتي تقدم ذكرها للمبتدئين، وأن يحسب الأخطاء في التجويد على المتقدمين ، وأن يهتم بباقي الحلقة أثناء الاستماع للطالب.
ضوابط لتقييم الدرس:
الأصل في الدرس أن يكون خالياً من الأخطاء ، وأن لا يكون لديه أي شك أو تتعتع، وغير ذلك لا يعد حافظاً، ولكن حتى لا نشق على جميع الطلاب، نقول يمكن للمعلم التجاوز عن الخطأ والخطأين مع الإشارة إلى موضع الخطأ في دفتر خارجي حتى ينتبه لخطئه فيما بعد.
ضوابط تقييم المراجعة:
إذا كان الأصل في الدرس أن يسمعه الطالب بدون أخطاء، فلا شك أن المراجعة من باب أولى ، لذا : يمكن اتباع الأسلوب التالي :
إذا سمّع الطالب الدرس بدون أخطاء، وأخطأ في المراجعة، فعلى المعلم أن يلزمه بالإعادة، إذ لا يرضى بالأدنى عن الأعلى، أما لو كان الطالب ممن تجاوز عنه المعلم بعض أخطائه ، وأوضحها له ، فالمفترض منه أن يتنبه لها، وألا يقع فيها، وإلا فما فائدة أن يشير إليها المعلم؟
لذا: إن أتى بالمراجعة صحيحة خالية من تلك الأخطاء قبل منه المعلم مراجعته، وأما لو تكررت الأخطاء من الطالب فهذا دليل على ترسخها عنده، وتلزمه الإعادة.
ولو وقع الطالب في عدة أخطاء أثناء مراجعته فهل يلزمه المعلم بإعادة المراجعة جميعاً أم ماذا؟
إذا تركزت الأخطاء في صفحة أو صفحتين، فللمعلم أن يكتفي بمراجعة الطالب لهذه الصفحة أو الصفحتين، أما إذا كثرت الأخطاء وتفرّقت هنا وهناك ألزمه بإعادتها جميعاً.
سادساً : التجويد:
التجويد هو أهم الأمور التي يتعلمها الدارس في حلقات التحفيظ فهو السبيل إلى قراءة القرآن الكريم غضاً كما أنزل وبه يظهر الفرق بين من يحسن تلاوة الكتاب العزيز ومن لا يحسن، والقرآن الكريم قد وصل إلينا بطريق التواتر مجوداً قال ابن الجزري رحمه الله:
والأخذ بالتجويد حتم لازمُ لأنه به الإله أنزلا وهو أيضاً حلية التلاوةِ |
من لم يصحح القرآن آثمُ وهكذا منه إلينا وصلا وزينة الأداء والقراءةِ |
وإن لم تأخذ حلقات تحفيظ القرآن الكريم على عاتقها الاهتمام به فمن ذا الذي يهتم بتعليمه؟
والتجويد يبقى مع الدارس طيلة أيام عمره سواء أتم حفظ القرآن أم لا، وسواء بقي في الحلقة أم تركها، وسواء بقي محافظاً على ما حفظه من القرآن أم نسي.
ويكون تعليم التجويد للصغار بالتلقين مع أول سورة يحفظونها، ولا يقبل منهم حفظ السورة بدون تجويد، وتوضع لهم علامات في الأجزاء الخاصة بهم تدل على التجويد كالخط الصغير تحت مواضع الغنن وبيان أن العلامة ( ) تدل على المد، وعند القراءة تكون الدلالة على التجويد برفع اليد أو الإشارة بالسبابة دلالة على المد، وكالضرب على الأرض أو الإشارة إلى الأنف دلالة على الغنة، وبذلك يقترن التجويد مع الحفظ من البداية.
وستجد الطالب لن يتم حفظ نصف جزء عم إلا وهو يحسن القراءة بالتجويد من أي موضع.
أما التجويد النظري فيخصص له المعلم نهاية كل أسبوع، ويحرص على تبسيط الدرس قدر الإمكان وعدم الإطالة وطلب الأمثلة على الدرس من الطلاب، وسؤال الطلاب خلال الأسبوع عن الدرس الذي أخذوه وبخاصة أثناء القراءة ليثبت في أذهانهم.
وإذا تمكن المدرس من إعداد طلاب قد فهموا التجويد النظري جيداً فإنه يختار أحدهم لتعليم الطلاب الجدد قواعد التجويد إلى أن يلحقوا بباقي الركب، ويتفرغ هو لإكمال منهج التجويد للبقية.
تفصيل منهج التجويد:
( أ ) المرحلة الأولى:
وفيها يحفظ الطالب ثلاثة أجزاء (28 ـ 29 ـ 30) ويكون التجويد فيها تلقينا من المعلم فقط حتى يتدرب الطالب على قراءة القرآن بشكل صحيح، ويلقن فيها المعلم الطالب كل ما يستطيعه من أحكام التجويد، والحد الأدنى الذي لا بد من تقديمه للطالب من الأحكام في هذه المرحلة:
وعلى المعلم مشكوراً تلقين هذه الأحكام التجويدية عملياً فقط، ولذا تسمى هذه المرحلة مرحلة التلقين، وليس فيها دراسة نظرية مع التركيز على النطق السليم للحروف ، وعلى حركات الحروف، وتطبيق الطالب للأحكام السابقة، مع التجاوز عن حكمي الاقلاب والاخفاء الشفوي للتركيز عليهما في المراحل القادمة، ولصعوبتهما على الطلاب في هذه المرحلة.
( ب ) المرحلة الثانية:
وفيها يحفظ الطالب ستة أجزاء (من 25 إلى 30) ويطالب الطالب فيها بأحكام التجويد السابقة مع الاهتمام عملياً فقط بالأحكام التالية:
أما بالنسبة لما أخذ الطالب سابقاً من أحكام التجويد عملياً، فيطالب في هذه المرحلة بالدراسة النظرية لهذه الأحكام، على أن تكون الدراسة عامة وليست تفصيلية كما يلي:
1 ـ أحكام النون الساكنة والتنوين :
2 ـ أحكام الميم الساكنة:
3 ـ النون والميم المشددتان : حكمهما ومثالهما.
4 ـ المدود:
( جـ ) المرحلة الثالثة :
ويحفظ الطالب فيها 10 أجزاء ( من 21 إلى 30 ).
ويطالب الطالب فيها بأحكام التجويد السابقة، مع الاهتمام بهمزة الوصل وهمزة القطع وحكمهما عملياً فقط، وبالنسبة للنظري فهو ما سبق أخذه في المرحلة الثانية عملياً وهو:
سابعاً : تدريس من لا يعرف القراءة لصغر أو كبر:
ثامناً : لا يفوت المعلم عبارات التشجيع والثناء للطلاب الجيدين ولا يفوته الدعاء لهم وبث روح التنافس ورفع الهمة من فترة لأخرى من خلال كلمات وقصص تذكر الطلاب بفضل القرآن وأهله وتوفيق الله لهم.
([1]) يجب أن يراعي المعلم أن لا تكون هذه الطريقة سبباً في عبث ولعب الطالب في المصحف.